وهذه إحدى العبر من هذه المأساة: أننا عند الخصومة ننسى كل الروابط التي تربطنا، ويتعامل بعضنا مع بعض بشراسة ووحشية لا نتعامل بها مع أشد الناس عداوة لنا.
وعبرة أخرى نأخذها من هذه المأساة، وهي: أن أي جماعة شعبية مسلحة لا يمكن أن تقاوم قوة الجيش النظامي المسلح؛ فقد كانت فتح تملك الرجال، وتملك السلاح، وكانت متمركزة في أسفل العمارات وفي أعلاها، وكانت مسنودة محليا، ومسنودة عربيا، بل مسنودة من قوى كبرى مثل روسيا، ومع هذا حين اصطدمت بقوة الجيش لم تستطع الصمود أمامه؛ فهو يملك من المعدات الثقيلة والإمكانات الكبيرة ما لا تملكه فتح. ولهذا تمكن من ضربها في مقاتلها، ومحاصرتها في مواقعها، والقضاء على قوتها في وقت قصير.
وفي هذا عبرة للجماعات الشعبية التي تفكر في الاستيلاء على السلطة بعمل عسكري ضد قوات الدولة المسلحة؛ فهذا تفكير سطحي، وإغراق في الخيال؛ فإن الجيوش النظامية والقوات المسلحة بما تملك من أسلحة وعتاد وطاقات هائلة.. قادرة على سحق مثل هذه المحاولات المحدودة القدرة، مهما يكن عند القائمين عليها ما لا يجحد من فضائل الشجاعة والبطولة وحب البذل في سبيل الله.
ولقد سجلت هذا في أكثر من كتاب لي، أحذِّر الإسلاميين من التورط في تفكير كهذا؛ فهو لا يحقق هدفا إلا القتل والدمار وما يشبه الانتحار.